أيدولوجية ومنهاجية العمل الاسلامى المشترك ..7
قال لي بعضهم يوماً: ألسنا على الحق، وخصومنا على الباطل؟
قلت: بلى.
قال: ألم يعدنا ربنا بأن ينصر الحق على الباطل، والإيمان على الكفر، وكان وعد ربي حقاً؟
قلت : بلى، ولن يخلف الله وعده. .
قال: فماذا ننتظر؟ ولماذا لا نبدأ المعركة مع الباطل؟
قلت: قد علمنا ديننا أن للنصر سنناً لا بدأن تراعى، وشروطاً لا بد أن تستجمع،ولولا ذلك لقام النبي صلى الله عليه وسلم بإعلان الجهاد العسكري على الوثنية منذ أوائل العهد المكي،ولم يقبل أن يصلي عند الكعبة وحولها الأصنام من كل جانب.
قال : وما تلك السنن والشروط؟
قلت : أولاً، لا ينصر الله الحق لمجرد أنه حق، بل ينصره بأهله ورجاله المؤمنين المترابطين المتآخين على كلمة الله، كما قال تعالى لرسوله: ((هُوَ الذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وبِالمُؤمِنينَ، وألَّف بَيْنَ قُلُوبِهم )) [الأنفال:62 ].
قال: وأين الملائكة التي تنزل بالنصر إعزازاً لحق، وإذلالاً للباطل؟ تلك التي أنزلت في بدر والخندق وحنين؟
قلت: الملائكة موجودة، ويمكنها أن تتنزل - بإذن الله - بالمدد والنصر،ولكنها لا تتنزل في فراغ، وإنما تتنزل به على مؤمنين يجاهدون ويعملون في الأرض، ويحتاجون إلى مدد من السماء يعينهم ويثبتهم، وفي هذا يقول القرآن في قصة بدر ((إذْ يُوحِي ربُّك إلى المَلائِكَةِ أنِّي مَعكُم فَثَبِتوا الذين آمنوا ))، فلا بد أن يوجد "الذين آمنوا أولاً، حتى يكونوا أهلاً لنزول الملائكة عليهم.
قال : وإذا وجد المؤمنون جاء النصر؟
قلت : لا بد أن يعملوا جاهدين لنشر دعوتهم، وتبليغ رسالتهم، وتكثير عددهم، وتوسيع قاعدتهم، وإقامة الحجة على مخالفيهم، وكسب الرأي حولهم، حتى يكون معهم القوة التي يقدرون بها على مواجهة أعدائهم، فليس من المقبول عقلاً ولا شرعاً أن يواجه الواحد مائة أو ألفاً، وأقصى ما ذكره القرآن أن يواجه الواحد من المؤمنين عشرة من الكافرين ((إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُم مِّئَةٌ يَغْلِبُواْ أَلْفًا مِّنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُون َ)) [الأنفال:65 ] وهذا في حال القوة والعزيمة، أما في حال الضعف والرخصة، فقد قال تعالى: ((الآنَ خَفَّفَ اللّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِن يَكُن مِّنكُم مِّئَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُواْ أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللّهِ وَاللّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ )) [الأنفال:66 ]
قال: ولكن خصوم أهل الحق لا يمكنونهم من نشر فكرتهم، وأداء أمانتهم، بل يزرعون الأشواك في طريقهم، ويطفئون الشموع بين أيديهم، ويضعون الألغام تحت أرجلهم.
قلت: وهنا يأتي شرط لا بد منه لاستحقاق النصر والتمكين، هو الصبر على الأذى وطول الطريق، والثبات في مواجهة الاستفزاز والتحدي كما في حديثه صلى الله عليه وسلم لابن عمه عبد الله بن عبَّاس "واعلم أن النصر مع الصبر ".
ولهذا أوصى الله رسوله صلى الله عليه وسلم في ختام عدد من السور المكية بالصبر.
ففي آخر سورة يونس: ((وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَاصْبِرْ حَتَّىَ يَحْكُمَ اللّهُ وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِين َ))
وفي آخر سورة النحل: ((وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلاَّ بِاللّهِ وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلاَ تَكُ فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ . إِنَّ اللّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُون َ))
وفي آخر سورة الروم : ((فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلاَ يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ )) وفي آخر سورة الأحقاف: ((فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِل لَّهُم ْ))
وفي آخر سورة الطور: ((واصْبِر لِحُكْمِ رَبِّكَ فإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُوم )).
قال صاحبي: ولكن الصبر قد يطول دون أن نقيم للإسلام دولة تحكّم شريعته، وتحيي أمته، وترفع في الأرض رايته.
قلت: ألا يتعلم على يديك جاهل؟ ألا يهتدي ضال؟ ألا يتوب عاص؟ ألا.. ألا..
قال : بلى ...
قلت: هذا في ذاته كسب كبير، وغنم عظيم، وكل فرد تنتشله من وحل الجاهلية إلى صراط الإسلام يقربنا من الهدف الأكبر، بل هو نفسه هدف تحقق، وفي الحديث الصحيح: "لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم ".
ثم إن الذي علينا، والذي نحاسب عليه، أن ندعو ونربي ونعمل، وليس علينا أن نحقق النصر، علينا أن نبذر الحب، ونرجو الثمر من الرب.. إن الله لن يسألنا: لماذا لم تنتصروا؟ ولكن سيسألنا: لماذا لم تعملوا؟!
((وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُون َ)) [التوبة:105 ].
قلت: بلى.
قال: ألم يعدنا ربنا بأن ينصر الحق على الباطل، والإيمان على الكفر، وكان وعد ربي حقاً؟
قلت : بلى، ولن يخلف الله وعده. .
قال: فماذا ننتظر؟ ولماذا لا نبدأ المعركة مع الباطل؟
قلت: قد علمنا ديننا أن للنصر سنناً لا بدأن تراعى، وشروطاً لا بد أن تستجمع،ولولا ذلك لقام النبي صلى الله عليه وسلم بإعلان الجهاد العسكري على الوثنية منذ أوائل العهد المكي،ولم يقبل أن يصلي عند الكعبة وحولها الأصنام من كل جانب.
قال : وما تلك السنن والشروط؟
قلت : أولاً، لا ينصر الله الحق لمجرد أنه حق، بل ينصره بأهله ورجاله المؤمنين المترابطين المتآخين على كلمة الله، كما قال تعالى لرسوله: ((هُوَ الذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وبِالمُؤمِنينَ، وألَّف بَيْنَ قُلُوبِهم )) [الأنفال:62 ].
قال: وأين الملائكة التي تنزل بالنصر إعزازاً لحق، وإذلالاً للباطل؟ تلك التي أنزلت في بدر والخندق وحنين؟
قلت: الملائكة موجودة، ويمكنها أن تتنزل - بإذن الله - بالمدد والنصر،ولكنها لا تتنزل في فراغ، وإنما تتنزل به على مؤمنين يجاهدون ويعملون في الأرض، ويحتاجون إلى مدد من السماء يعينهم ويثبتهم، وفي هذا يقول القرآن في قصة بدر ((إذْ يُوحِي ربُّك إلى المَلائِكَةِ أنِّي مَعكُم فَثَبِتوا الذين آمنوا ))، فلا بد أن يوجد "الذين آمنوا أولاً، حتى يكونوا أهلاً لنزول الملائكة عليهم.
قال : وإذا وجد المؤمنون جاء النصر؟
قلت : لا بد أن يعملوا جاهدين لنشر دعوتهم، وتبليغ رسالتهم، وتكثير عددهم، وتوسيع قاعدتهم، وإقامة الحجة على مخالفيهم، وكسب الرأي حولهم، حتى يكون معهم القوة التي يقدرون بها على مواجهة أعدائهم، فليس من المقبول عقلاً ولا شرعاً أن يواجه الواحد مائة أو ألفاً، وأقصى ما ذكره القرآن أن يواجه الواحد من المؤمنين عشرة من الكافرين ((إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُم مِّئَةٌ يَغْلِبُواْ أَلْفًا مِّنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُون َ)) [الأنفال:65 ] وهذا في حال القوة والعزيمة، أما في حال الضعف والرخصة، فقد قال تعالى: ((الآنَ خَفَّفَ اللّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِن يَكُن مِّنكُم مِّئَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُواْ أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللّهِ وَاللّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ )) [الأنفال:66 ]
قال: ولكن خصوم أهل الحق لا يمكنونهم من نشر فكرتهم، وأداء أمانتهم، بل يزرعون الأشواك في طريقهم، ويطفئون الشموع بين أيديهم، ويضعون الألغام تحت أرجلهم.
قلت: وهنا يأتي شرط لا بد منه لاستحقاق النصر والتمكين، هو الصبر على الأذى وطول الطريق، والثبات في مواجهة الاستفزاز والتحدي كما في حديثه صلى الله عليه وسلم لابن عمه عبد الله بن عبَّاس "واعلم أن النصر مع الصبر ".
ولهذا أوصى الله رسوله صلى الله عليه وسلم في ختام عدد من السور المكية بالصبر.
ففي آخر سورة يونس: ((وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَاصْبِرْ حَتَّىَ يَحْكُمَ اللّهُ وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِين َ))
وفي آخر سورة النحل: ((وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلاَّ بِاللّهِ وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلاَ تَكُ فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ . إِنَّ اللّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُون َ))
وفي آخر سورة الروم : ((فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلاَ يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ )) وفي آخر سورة الأحقاف: ((فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِل لَّهُم ْ))
وفي آخر سورة الطور: ((واصْبِر لِحُكْمِ رَبِّكَ فإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُوم )).
قال صاحبي: ولكن الصبر قد يطول دون أن نقيم للإسلام دولة تحكّم شريعته، وتحيي أمته، وترفع في الأرض رايته.
قلت: ألا يتعلم على يديك جاهل؟ ألا يهتدي ضال؟ ألا يتوب عاص؟ ألا.. ألا..
قال : بلى ...
قلت: هذا في ذاته كسب كبير، وغنم عظيم، وكل فرد تنتشله من وحل الجاهلية إلى صراط الإسلام يقربنا من الهدف الأكبر، بل هو نفسه هدف تحقق، وفي الحديث الصحيح: "لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم ".
ثم إن الذي علينا، والذي نحاسب عليه، أن ندعو ونربي ونعمل، وليس علينا أن نحقق النصر، علينا أن نبذر الحب، ونرجو الثمر من الرب.. إن الله لن يسألنا: لماذا لم تنتصروا؟ ولكن سيسألنا: لماذا لم تعملوا؟!
((وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُون َ)) [التوبة:105 ].
0 تعليقات:
إرسال تعليق
الاشتراك في تعليقات الرسالة [Atom]
<< الصفحة الرئيسية