ابن سبأ لبيبا , ودوره فى تغيب الامة وتدمير الاسلام ,الخاتمة
لا شك أن من قرأ أقوال القذافي الواردة في هذا الكتاب سوف يظهر له كفر هذا الطاغوت الذي أفسد البلاد والعباد، وأهلك الحرث والنسل.وإذا تقرر كفره - ويشاركه في الحكم كل طاغوت ثبتت ردته - وجب السعي لقتاله، وإزالته من الحكم، وإقامة حكم الله فيه.ثبت في الصحيحين من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه، قال: (بايعنا النبي صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في العسر واليسر والمنشط والمكره وعلى أثرة علينا، وألا ننازع الأمر أهله، قال: "إلا أن تروا كفراً بواحاً عندكم من الله فيه برهان").وقد قرر هذا علماؤنا وأئمتنا، ونصوا على أن الحاكم إذا كفر وجب الخروج عليه، وقد نقل النووي وابن حجر والقاضي عياض وغيرهم الإجماع على ذلك.يقول ابن حجر عن الحاكم: (إنه ينعزل بالكفر إجماعاً، فيجب على كل مسلم القيام بذلك، فمن قوي على ذلك فله الثواب، ومن داهن فعليه الإثم، ومن عجز وجبت عليه الهجرة من تلك الأرض) [129].ويقول القاضي عياض: (أجمع العلماء على ان الإمامة لا تنعقد لكافر، وعلى انه لو طرأ عليه الكفر انعزل...)، إلى أن قال: (فلو طرأ عليه كفر وتغيير للشرع أو بدعة؛ خرج عن حكم الولاية، وسقطت طاعته، ووجب على المسلمين القيام عليه وخلعه ونصب إمام عادل إن أمكنهم ذلك، فإن لم يقع ذلك إلا لطائفة؛ وجب عليهم القيام بخلع الكافر، ولا يجب في المبتدع إلا إذا ظنوا القدرة عليه، فإن تحققوا العجز؛ لم يجب القيام، وليهاجر المسلم من أرضه إلى غيرها ويفر بدينه) [130].ولأجل أداء الفرض المتعين على المسلمين في زماننا هذا نتيجة لوجود موجبات الجهاد مجتمعة - كفر الحاكم، ظهور الطوائف الممتنعة، استيلاء الكفرة والمرتدين على أراضي المسلمين، امتلاء سجون الطواغيت بأسرى المسلمين، غياب الخلافة الإسلامية [131]؛ قامت الجماعات الجهادية في بعض الأقطار تقاتل من كفر بالله وبدل شرعه وحارب أوليائه واستهزأ بكتابه ورسوله، مقدمة الشهداء تلو الشهداء، ومتحملة الجراح واللأواء، لا يضرها من خذلها أو خالفها، ويكفيها بشارة نبيها صلى الله عليه وسلم: (لا تزال عصابة من أمتي يقاتلون على أمر الله قاهرين لعدوهم، لا يضرهم من خالفهم حتى تأتي الساعة وهم على ذلك) [132].وعلى الجماجم والأشلاء سارت قافلة القوم، ترتل قول الله تعالى: {وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ * وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ * فَآتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [133].ومن هذه الجماعات الجهادية التي قامت دفاعاً عن حياض هذا الدين وإقامة لشرع رب العالمين؛ الجماعة الإسلامية المقاتلة، بليبيا، والتي أخذت على نفسها العهد ألا تضع السلاح حتى يحكم الله بينها وبين نظام الردة والعمالة، وحتى تُطهر ليبيا من الكفر والطغيان وترفع عليها راية التوحيد.يقول الشيخ أبو المنذر الساعدي: (إن النظام القائم في ليبيا نظام جاهلي كافر، ويجب على كل مسلم في ليبيا أن يساهم في خلعه وقتاله بكل ما يقدر عليه من قتال فعلي، أو إعانة للمقاتلين، وإن المتخلف عن هذا الفرض الرباني لغير عذر من مرض أو عمى أو عرج أو نحو ذلك، هو مرتكب لكبيرة من كبائر الذنوب، ومرتكب الكبيرة؛ فاسق).وقال أيضاً حفظه الله: (وليحذر المسلمون في ليبيا من الوقوف في صف هذا الطاغوت، بسلاح أو قلم أو لسان، لأن الله تعالى يقول: {وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ} [134].إن كفر الطاغوت أظهر من الشمس في رابعة النهار، حيث بان لكل مسلم موحد رضي بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولاً؛ كُفْرُ القذافي، الذي لم يترك شيئاً يُعظمه المسلمون إلا واستهزأ به، وسخر منه، حتى الأنبياء عليهم الصلاة والسلام لم يسلموا من سبه وشتمه واستهزائه بهم.وقد مَرّ معنا قول الإمام محمد بن سحنون رحمه الله: (أجمع العلماء أن شاتم النبي صلى الله عليه وسلم المنتقص له كافر، والوعيد جارٍ عليه بعذاب الله، وحكمه عند الأمة القتل، ومن شك في كفر وعذابه؛ كفر) [135].فليحذر كل مسلم لا زال يُضفي على القذافي وأمثاله وصف الإسلام من غضب الله وسخطه، وليتفكر فيما يقوله هذا الزنديق الذي كفر بالله جهاراً نهاراً، وينظر حكمه وحكم من يدافع عنه من خلال كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وإجماع أهل العلم.ويرحم الله الشيخ المجاهد عبد الله عزام، وهو يخاطب علماء المسلمين وأئمة هذا الدين، ليقفوا الموقف الشرعي تجاه كفر القذافي وردته، فيقول: (... وعندما تقول للعلماء؛ ماذا تفتون في القذافي الذي ما ترك موحداً إلا وضعه في السجن، وهاجرت جميع الأدمغة من ليبيا؟ ماذا تقولون أيها السادة العلماء في هذا الرجل الذي كفر بالله جهاراً نهاراً وأنكر السنة صباحاً مساء؟ ماذا قالت فضيلتكم؟ أهو مسلم؟ أما الشباب الذين يدافعون عن أعراضهم يوم أن كانوا يفرضون على البنت في المدرسة أنها لا تدخل الثانوية إلا إذا حضرت المعسكرات الثورية الإشتراكية، والتي يختلط فيها الشباب والشابات، وتُنتهك فيها الأعراض باسم القانون... ماذا تقولون في هذا؟ ولا يحق لها أن تنتقل من المرحلة الثانوية على الجامعة إلا بهذا... وعندما وجد أن الأسر الليبية قد حافظت على بناتها وأخرجتها من المدارس؛ أخرج قراراً أنه لا يجوز أن يُعقد عقد الزواج لأي بنت إلا إذا كانت معها شهادة المخيمات الثورية الإشتراكية... ماذا يقول السادة العلماء في هذا؟ هل الشباب متطرفون؟ لا أظن أن ديناً من الأديان يقبل أن يستسلم الإنسان لمثل هذا الظلم، ومن استسلم لمثل هذا الظلم فهو آثم في الدنيا، وعقوبته العذاب في الآخرة) [136]. ويقول الشيخ عبد الله عزام في موضع آخر: (هذا كتاب الله يحكم بيننا، وهذه سنة رسوله صلى الله عليه وسلم ناطقة شاهدة علينا، وهذا هدي أصحابه في فهمهم لأهمية الجهاد في هذا الدين، فهل لنا من تعقيب على هذه النصوص المتواترة المتوافرة الناصعة الجلية القاطعة؟ لقد وصل اللص إلى داخل خدور المؤمنات، فهل ندعه ينتهك الأعراض ويمسخ القيم ويجتث المبادئ؟! إن الذي ينهى شاباً عن الجهاد لا يفرق عن الذي ينهاه عن الصلاة والصوم) [137].
والحمد لله رب العالمين
[129] فتح الباري؛ 13/123.[130] صحيح مسلم بشرح النووي؛ 12/234.[131]
لمعرفة موجبات الجهاد مفصلة، انظر كتاب "خطوط عريضة في منهج الجماعة الإسلامية المقاتلة"، ص؛ 74 – 83.[132] رواه مسلم.[133]
آل عمران؛ 145 – 148.[134] فتوى حول حكم الجهاد في ليبيا، نشرها المكتب الإعلامي بالجماعة الإسلامية المقاتلة.[135] الشفا، للقاضي عياض؛ 2/934 – 935.[136] في الجهاد؛ فقه واجتهاد؛ 195 – 196.[137]
خمس رسائل في الجهاد، للشيخ عبد الله عزام؛ ص 249 – 250، بتصرف يسير.
0 تعليقات:
إرسال تعليق
الاشتراك في تعليقات الرسالة [Atom]
<< الصفحة الرئيسية