السبت، 26 سبتمبر 2009

ومضات على طريق النعرات الطائفية ..

أدهشتنى ردود الأفعال والتعليقات التى توالت حول مقاH المنشور فى جريد الغد المصرية عندما قمت بنشر أسواء عشرة شخصيات أسلامية ...

والتى تفاوتت لا بين التأييد والإنتقاد فحسب، وإنما تباين الإنتقاد فى لهجته أيضا، من عدم إتباع آداب الحوار فى الإسلام، إلى المغالطة والتجريح الوارد فى كل أفاك أثيم , بل وتم رفع دعوى قضائية ضدى بتاريخ 9/6/2007 , وتم مثولى أمامى القضاء المصرى ثم من ثما تم تأجيل القضية لعدة جلسات بعد معارضتى فى الاحكام التى صدرت عن المحكمة , وتم فيها الحكم على بالسجن(3) سنوات وتغريمى (50) الف جنيها" مصريا , ولكنى قمت بعمل استشكال فى الحكم , وتم تحديد جلسة بتاريخ / 7/24/ 2008 وتم تبراتى من جميع التهم المنسوبة الى لعدم كفاية الادلة , وكذلك أن هذا المقال لم اتى به من عندى , وأنما هو من كتب الوهابية والسلفية , ولذلك تم أنهاء القضية شكلا" وموضوعا" ...

وعار عليكم ، نعم وأكررها : عار عليك أيها المسلم المثقف أن تحكم على عملى وعلى ما اقوله بأننى " أدارى خلفها حقائق التاريخ والحاضر"، و"أن هذا نهج آخر " ، وتتغافل وصفه لكى لا يؤخذ عليك ، وكأننى اقوم بالتزوير والتحريف ولى الحقائق كما تكرمت أنت وعملت فى مقالك وتسفيهك لما كتبت بكل ما كلته ، لمجرد أننى أعربت عن رأى مبنى على تعاليم القرآن الكريم وعلى وصية رسولنا صلوات الله عليه .. فكل كتبى ومقالاتى وأحاديثى تشهد بصراحة موقفى ووضوحه، بلا إلتواء أو تلاعب بالألفاظ ، وبلا أى تواطؤ مع أى إنسان أو مؤسسة ، وخاصة بلا إنسياق مغرض لأى تيار ! ..

لو كانت كرامة السيدة عائشة, أهم وأكبر من كرامة قول الله سبحانه وتعالى، وكذلك افضل من كرامة أهل البيت عليهم الصلاة والسلام الائمة المعصومين المهديين الهادين , الذين يحيون أمامنا حتى الان فى حياتنا وامورنا فأم المؤمنين والصحابة فى رحاب المولى، أما كلام الله عز وجل فى قرآنه الكريم فلا يضاهيه شيئا، وكذلك الحبل الممدود بين السموات والارض , وحجة الله على الارض الامام المهدى عليهم الصلاة والسلام المنتظر , وأمانة فى أعناقنا، علينا تكليف حمايته واستتبابه وليس العمل على إقتلاعه وضياعه !.
* أما عن تساؤلك من أنك لا تدرى " كيف سأقابل ربى يوم الحساب " بعد كل ما اقترفته من جرم برفضى وجود الفرقة والتناحر بين المسلمين ، فأؤكد لك أننى سألقاه بإذنه تعالى مرفوعة الرأس بعملى وإلتزامى بقوله ، وساجدة له حباً وخشوعاً ..

وما من إنسان بات يجهل ان إستخدام نفس مخطط إشعال الوقيعة بين السنة والشيعة هو المستغل فى أحداث لبنان ، مع إضافة إستغلال لعبة الأقليات المسيحية ، كما تم إستغلالها فى العراق .. والكاشف للنوايا التعصبية المحركة لهذه الأحداث ان البابا بنديكت 16 لا يكف عن الإعلان عن " قلقه وخوفه على مصير المسيحيين فى العراق وفى الشرق الأوسط بعامة "، ولا حساب عنده لملايين المسلمين الذين تم سحقهم فى هذه الحرب الصليبية الإجرامية الحديثة !

أن الغزاة الأمريكان قد أعدموا صدام حسين على جريمة قتله 148 شيعياً فى بلدة دوجيل سنة 1982، لأن الولايات المتحدة لم تكن طرفا مباشرا فى هذه الجريمة ، أما باقى الجرائم التى ارتكبها فكانت ستكشف عن ضلوع الإدارة الأمريكية فيها، فهى التى أتت به وهى التى عملت على إقتلاعه بحجة غرس الديمقراطية، فهى دائبة التخلص من عملائها أياً كانوا !. وهذا السبب المعلن يوضّح كيف دأبت تلك الإدارة الإستعمارية وغيرها على التلاعب لإشعال وإستغلال فتنة السنة والشيعة وبث الأكاذيب لتحقيق مرادها ..
أنا لا "أروّج" لأى حلم من أحلام التقارب الساذجة أو الإنفعالية ، فما أقوم به ليس ترويجا لسلعة من السلع البائرة يا حضرة جهلاء الوهابية ، وإنما أتمسّك بما قاله الله عز وجل فى القرآن الكريم، وما أوصانا به سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام ، وخاصة ما راح يكرره فى خطبة الوداع .. ومما يقوله الله سبحانه وتعالى وأتمسك به وأجاهد للإلتزام به :
- ولا تكونوا من المشركين، من الذين فرّقوا دينهم وكانوا شيعاً كل حزب بما لديهم فرحون (31-32/ الروم)
- واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا (103/ آل عمران)
- ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم (105/ آل عمران)
- ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلك وصّاكم به علّكم تتقون (153/ الأنعام)
- أن أقيموا الدين ولا تفرقوا فيه (13/ الشورى)

أما رسولنا محمد(ص) فقد حرّم دم المسلم على المسلم ، وساوى قيمة هذه الحرمة مرة بقيمة الحج ، وهو ركن من أركان الدين، و مرة أخرى سواها بالكفر فى نفس الخطبة ، وهو أسوأ ما يمكن لمسلم أن يقع فيه أو يوصف به ! "فالإختلاف والتنازع من أمر العجْز والضعف" وهذه أيضا من أقوال رسولنا الكريم فى خطبة اُحد ..

أعتقد بعد قراءة آيات القرآن الحكيم وقول سيدنا رسول الله ، ستدرك الوهابية معنى ظلم قولك حول رفضى لوجود اختلاف وتقاتل بين المسلمين ، ذلك الرفض الذى وصفته قائلا: "فهو ما لا يقبله عقل ولا منطق ولا تاريخ ولا دين " ، ثم قمت باستبعاد إحتمال تبرير فهمى هذا بأنه ليس "حسن نية وبراءة طوية "، لتسبنى بعض المواقع , بل وبعض الجرائد بالإنجليزية بعبارة simpleton ، التى تعنى : غشيم وغبى يغرر به أو أحمق – وهنا لا يسعنى إلا شكرك ، فالشتائم لا مردود لها عندى !.. إلا ان الشهامة تقتضى أن تسبنى بنفس اللغة التى تكتب بها حتى يفهمها من يهللون لها من أفاقين ,ارباب اللحى التكفريين ,,

ولست مسؤل عن كل ما حمّلتنى من تحريف للتاريخ وخلط فى المفاهيم وإتهامات، فأنا أعلم تماما متى نشأت الصهيونية والصليبية ، كما أعلم أن بداية ما أطلق عليه " ترّهة " ، بمعنى "تفريعة وتحوّل عن الطريق الرئيسى" وليس ترهة بمعنى " تفاهة " كما هو شائع خطأ وكما تصرّ أنت على استخدامها تحريفا وللمزايدة على قولى فى نظرك ، لذلك بدأت بشرحها فى بداية المقال من معجم لسان العرب لإبن منظور.. وأعرف ان مرجع هذا الصدع العميق بين سنة وشيعة، والبعيد كل البعد عن الدين، هم اليهود والنصارى ، الذين كانوا يحاربون الرسول صلوات الله عليه وواصلوا مكائدهم من بعده ونجحوا ، ويمكنك الرجوع إلى كتاب "بروتوكولات حكماء صهيون" لتفهم أصل التحريض .. وقد نجحوا فى تقسيم صفوف المسلمين لإبتعادنا عن الرسالة التى بلّغها لنا سيدنا محمد ، وحِدْنا عنها بالوقوع فى الصراعات، بل ونتمسّك بالصراعات والإبتعاد عن الرسالة بإصرار غريب .. وهنا لا يسعنى إلا أن أذكر بعبارة المؤرخ الفرنسى لانونيم ، المرافق للحملة الصليبية الأولى سنة 1005 ، موضحا : "أنها لم تنجح إلا بفضل إنقسام المسلمين واختلافاتهم ".. ويا لها من صفعة لمن يدرك معناها ومعنى ما نحن فيه ويتمسك باستفحال هذه الفتنة !.

ولو كنتم تتبعون "العلم" و"المنطق" و"العقل" و"الدين" و"التاريخ " وكل ما رأيت اننى أفتقده ، لأدركت ان الغرب الصهيونى والمسيحى دأب على اختراق صفوف المسلمين ، منذ بداية إنتشار الإسلام وحتى يومنا هذا ، والعمل من خلال الأشخاص الذين ينجح فى اختراقهم أو فى استقطابهم .. فلو رجعت للتاريخ الذى "أجهله" تماما فى نظرك، لرأيت انه ما من مصيبة أحلت بالمسلمين فى أى عهد من العهود إلا وكان وراءها تنازل أو تواطؤ من واحد أو أكثر من "المسلمين" .. ولوكنتم تذكرتم عبارة القس صمويل زويمر، كبير المبشرين فى مطلع القرن الماضى ، من أنه لن يقتلع الإسلام إلا أيديى مسلمين من الداخل ، لأدركت "بعلمكم" و"ذكاؤكم" معنى التبشير الصليبى الحالى الذى بات يتم علنا بسبب صمت أو تضامن بعض المسؤلين !..

ولو رجعتم إلى حقائق التاريخ التى "أحذفهموها , وأنكرتموها , كا تزعمون لعلمتم ان المخابرات البريطانية أقامت تكتلا من هذه الخلافات منذ حوالى سبعين عاما ، وأن المؤسسة الكنسية غرست تكتلا آخرا من قبل الحروب الصليبية بكثير، وخاصة بعد إسلام العديد "جنود المسيح" كما يطلق عليهم فى تلك الحملات .. ولو تجولت بين الكتب أوالمواقع الإلكترونية ، كما فعلت انا "بجهلى" ، لوجدت أن هناك أئمة من الوهابيين يبيحون دم الشيعة وأئمة من الشيعة يردّون بالمثل بداهة، رغم تحريم رسولنا لذلك، وكلها وثائق منشورة بأسماء من وقّع عليها .. ولا أعتقد - رغم "جهلى الشديد بالدين وبالتاريخ" فى نظرك، أن مثل هذه المواقف تمثل تطبيقا أو إلتزاما بما اُنزل إلينا من قرآن كريم ..
ولو سمحت لى بسؤال يا وهابية أو عمائم السلفية المطموس عليهم , من حقيقة تآمر الغرب الصليبى الداعم للوجود الصهيونى على الإسلام والمسلمين، وعلى أنهم لا يدعوا طريقا لإهلاك المسلمين والقضاء على دينهم إلا سلكوه، وأنهم لن يهنأ لهم بال إلا إذا قضوا على ما يعتبرونه الخطر الأعظم على دينهم ووجودهم من أعداء عترة البيت عليهم الصلاة والسلام , ان تناحر المسلمين وتقاتلهم كفيل بصد هذه الهجمة الشرسة ، أم أنها تساعد على تنفيذها ؟! من الواضح أن "الخطأ المعيب على أقل تقدير" كما تقول والذى حملتنى معناه، يعود بكل جدارة على موقف من يعلم بكل هذه الحقائق، ويصر على التمسك بالتفريعات الجانبية، ويترك الأساس الذى يجب التكاتف للدفاع عنه .. فقد كنت أتخيل "جهلا" أن من يتقى الله فى دماء المسملين يكون نداءه : لنحتشد بكل قوانا ضد أمريكا وإسرائيل !

وأن إتفاقية العار التى تم توقيعها لتقنين الوجود العسكرى فى العراق، هى فى الواقع غطاء لحماية 14 قاعدة عسكرية دائمة للولايات المتحدة الأمريكية ! أى أن الحديث عن سحب عسكر الغزاة من المدن كذبة صارخة من ضمن الأكاذيب التى لا تكف تلك الإدارة الغازية عن إستخدامها، وأن كل المقصود هو التخلى عن مسؤليتها فيما أحدثته من دمار لا إنسانى متعمّد، والحفاظ على قرابة ثمانين الف جندى فى هذه القواعد لعمليات عسكرية مستقبلية فى المنطقة..

ولا أعتقد ان هناك من يجهل المحاولات المستميتة لضرب إيران، إعتمادا أيضا على فتنة السنة والشيعة، إضافة إلى التذرع ببرنامجها النووي، ولا نقول شيئا عن ترسانة الصهاينة النووية، الوحيدة فى الشرق الأوسط ، والتى تهدد وجود العالم الإسلامى والعربى فعلا !..

وأن العراق قد فقد ثلاثة ملايين قتيلا من جراء هذه الحروب وما بينها من حصار، وخمسة ملايين مهاجر، وأن 40 % من سكان العاصمة ليس لديهم مورد مياة صالحة للشرب ولا كهرباء إلا لمدة ثلاث ساعات، ويعانون من إنتشار الكوليرا وتضاعف الإصابات بالأورام السرطانية والتشوهات الخلقية فى الأجنة والأطفال من جراء كل ما تم إلقائه من قنابل عنقودية وأسلحة دمار شامل محرّمة دوليا، وكلها فتات التفاصيل بالنسبة لما يعانونه فى الواقع ..

وأن الكيان الصهيونى المحتل لأرض فلسطين يقوم بإبادة مليون ونصف فلسطينى فى قطاع غزة، ويمتلك ترسانة أسلحة نووية، وان كل تعداده المحتل لأرض فلسطين يتحول إلى جيش عامل فى دقائق ، وأنه لا يُحاسب ولا يُعاقب على كل ما يقوم به من جرائم ضد الإنسانية وينتهك المقدسات الإسلامية ويحوّل المساجد إلى زرائب ، وهو على وشك هدم المسجد الأقصى، ويحاصر حوالى ثلاثة ملايين فلسطينيا خلف سور العار الذى شيده رغم كل الإعتراضات الدولية، فالقتلى دوما مسلمون ومطلوب التخلص منهم بمساعدة بعض المسلمين!.

وأنه قد سبق للغرب عبر القرون أن قسّم بلاد المسلمين، فمن أمة واحدة متماسكة، من المغرب غرباً إلى أندونسيا شرقاً، قسموا المسلمين إلى نعرات قومية ووطنية وتبعية وفرقوهم إلى 52 دويلة، عملا بمقولة فرّق تسد، وهاهم يزايدون ويسعون لمزيد من التفتيت بمخطط الشرق الأوسط الكبير الذى بدأ تنفيذه فعلا بتواطؤ بعض "المسلمين" ..

فهل بعد كل ذلك، وهى جد شذرات ضئيلة بالنسبة لما يدور على أرض الواقع، تم خلالها حصد ملايين المسلمين فعلا، وإعاقة ملايين أخرى، من سنة 1965 فقط ، فهل نفيق وننفض عن كاهلنا أية خلافات، ونتكاتف بصدق دفاعا عن ديننا وعن كياننا ، أم نظل نتمسك بترّهة إسمها خلافات السنة والشيعة، بينما الإسلام يغرق فى وحل تخاذل المسلمين جهلا او عن عمد؟

لقد بدأت المقال بطرح سؤال محدد ، وأوردت لقطات متفرقة من مجريات الأحداث التى نعيشها فعلا ، علّنا نفهم فداحة ما نحن فيه ، وهو أقصى ما يمكننى عمله، ولا يسعنى إلا أن أضيف أللهم اشهد اللهم انى بلّغت .. وأترك الرد لضمير كل إنسان يمكنه التخلى عن أنانية التمسك بالترهات فى سبيل الدفاع عن الإسلام .. فأياً كانت أهمية هذه الخلافات ، الأهم منها يقيناً هو الدفاع عن وجود الإسلام نفسه .. والتعاون معاً ، فى هذا الطريق الأعظم ، ضرورة ماسة وفرض عين إلهى ونبوى ، بدلا من الضياع فى بواطل الأمور، و بدلا من التقاتل والتناحر بين المسلمين ، وبدلا من المشاركة الإجرامية فى إقتلاع الإسلام !.
كتبة / خالد كروم

0 تعليقات:

إرسال تعليق

الاشتراك في تعليقات الرسالة [Atom]

<< الصفحة الرئيسية