الطريق الى الله الجزء الثانى
لا تشغل نفسك بالدنيا وإن جاءتك ففي سبيل الله أنفقهاالدنياشغل .. شغل للآخرة فالزم الشغل حتى تمر هذه الدار بسلام .
الزم الشغل ... ولا تحزن على شيء فاتك منالدنيا ولا تفكر فيها , فان جاءتك أو ارتمت بين يديك ، فسخرها في خدمة ما أنت فيهمن عمل الآخرة , وإلا فاطرحها جانبا وامض في طريقك إلى الله .إن الذي يسير على هذا النهج هو رجل الآخرة , الذي يريد الوصول فلا يخلع ثيابالعمل حتى يلقى الله , أما الذي يريد أن يلبس ثياب الفراغ أثناء العمل,فينشغل قلبه بالزوجة والمال والأولاد , فهو رجل الدنيا ... يعيش لها ولذا لن يصلإلى الله مطلقا حتى يخلع ثياب الفراغ ويلبس دائما ثياب العمل للآخرة. قال الله تعالى:"قلْ إِنْ كَانَ آَبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (24)"(التوبة)فوظف أخي في الله كل أركان حياتك في العمل للآخرة , وواصل الشغل ليل نهار , فأنت في مقام مستعبد , ولا يصح للأجير أن يلبس ثياب الراحة في زمانالاستئجار , وكل زمان المتقي صوم نهار, فواصل السير ولا تنقطع.
من أين يستمد المسلم قوته؟
فالإسلام قد أمر بإعداد القوة وتحصيل العدة , قال الله تعالى:" وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ {الأنفال: 60}, وأما عن المصادر التي يستمد المسلم منها القوة فنعرض بعضا منها في النقاط التالية:
1. الإيمان والعمل الصالح.قال سبحانه: "وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الفَاسِقُونَ {النور:55} .
2. موالاة الله ورسوله والمؤمنين.قال تعالى:" وَمَنْ يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الغَالِبُونَ" {المائدة:56} .
3. الصبر على كيد الأعداء وأذاهم ومقابلة ذلك بعزيمة صلبة وإيمان قوي، قال تعالى: وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ {آل عمران:120}.
4. الاتحاد وعدم التفرق، قال تعالى: وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ {الأنفال:46}.
5. اعتبار الغاية من النصر إقامة دين الله في الأرض، ونشر الخير فيها، وصرف الشر عنها، قال سبحانه:" الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ المُنْكَرِ وَللهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ" {الحج:41}.
6.الاستغفار وذكر الله , قال الله تعالى:"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (45)"(الأنفال) , وقال أيضا:" وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلَا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ (52) قَالُوا يَا هُودُ مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آَلِهَتِنَا عَنْ قَوْلِكَ وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ (53)" .
7.تأدية الفرائض والمحافظة على النوافل:أخرج البخاري في صحيحه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ :قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ قَالَ مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ وَلَئِنْ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ وَمَا تَرَدَّدْتُ عَنْ شَيْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِي عَنْ نَفْسِ الْمُؤْمِنِ يَكْرَهُ الْمَوْتَ وَأَنَا أَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ."
فالمنهجية في استعمال القوة تشمل -إذاً- الإعداد العلمي الشرعي، والتربية الإيمانية، كما تشمل العلم بالطب والاقتصاد والمجال الصناعي
والعسكري، وغير ذلك مما يحقق قوة واستقلالية للمسلمين عن أعدائهم , وجماع الخير كله هو في العودة إلى كتاب الله وسنة نبيه بفهم سلف هذه الأمة.
حمل الأمانة والمسئولية تجاه قضايا الإسلام
التساهل في حمل الأمانة
فإنه من بين مخلوقات الله التي لا تحصى في كونه الفسيح يقف الإنسان- ذلك المخلوق العظيم- متفردًا متميزًا، بكل ما حباه الله تعالى من قدرات وملكات، ليكون متأهلا لحمل الأمانة الكبرى التي ارتضى حملها بعدما أشفقت السماوات والأرض من حملها ومن تبعاتها، أمانة المسئولية عن فعله ودوره، والخلافة عن الله تعالى في أرضه (إِنَّا عَرَضْنَا الأمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الأِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولاً) (الأحزاب: 72).
هل كل من حمل الأمانة ظلوم جهول؟
وليس الوصف بالظلم والجهالة مرتبطًا بمجرد الرضا بحمل الأمانة ، بل بالغفلة عن مقتضاها، والتفريط الغالب من الإنسان في تبعاتها ، وهذا التفريط يفضي إلى الإفساد والشر، في ذات الوقت الذي يؤهله نجاحه في حمل الأمانة إلى ترقية الذات وإسعاد العالم، ومن رحمة الله به أنه ما طالبه بتحقيق الخلافة والوصول إلى الغاية إلا وآتاه وسيلة النجاح في ذلك، وأرشده إلى طريقة الفلاح فيه، وهو الاستمساك بمنهج الله وشريعته، والأخذ القوى به (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ) (البقرة: 30)، (قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ* وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) (البقرة: 38-39)، ومن رحمة الله تعالى له أن أرسل إليه رسله تترى، يحملون دين الحق وشرائع الهدى، ليقوِّموا مسيرة الإنسان، ويضعوا أقدامه على الطريق الصحيح.
التمازج بين المسؤلية الفردية والمسؤلية الجماعية
ثم جاءت رسالة الإسلام الخالدة خاتمة رسالات السماء لتكون جماع الخير كله، وكلمة الله الأخيرة إلى العالم، ليتحاكم الناس إليها في الدنيا، ويحاسبوا بمقتضاها في الآخرة (وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى* قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا* قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى) (طـه: 124-126)، (وَقَدْ آتَيْنَاكَ مِنْ لَدُنَّا ذِكْرًا* مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وِزْرًا* خَالِدِينَ فِيهِ وَسَاءَ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حِمْلاً) (طـه: 99-101).
ومع أن المسئولية عن إقامة الدين الحق ونصرته وتحقيق مراده وغاياته هي مسئولية جماعية تسأل عنها الأمة كلها (أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ) (الشورى: من الآية13) (وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا) (الجاثـية: من الآية28) إلا أن المسئولية العظمى أمام الله تعالى يوم القيامة تبقى في الأساس مسئولية كل فرد على حدة، وهل المسئولية الجماعية في حقيقتها إلا محصلة تلك المسئوليات الفردية؟ وهل نجاح الجماعة إلا نتيجة نجاحات الأفراد المكونين لها؟ (وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا* اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا* مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً) (الإسراء: 13-15) (إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ إِلاَّ آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا* لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا* وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا) (مريم: 93-95).وهكذا تتمازج في الإسلام المسئوليتان الجماعية والفردية، ولا تلغي إحداهما الأخرى أو تقلص منها، فدور الجماعة لا يلغي دور الفرد، ولا نجاح للفرد إلا في مناخ جماعي ييسر أداءه، ويبارك جهده، وينمي ثمرته..
مسئولية الأمة وأبنائها
لقد أراد الله تعالى للأمة التي تحمل رسالته العظمى ودينه الخاتم، وتقوم بالدعوة إليه، والحركة من أجله، والجهاد في سبيله، أن تكون أمة شاهدة على العالمين، رائدة للبشرية، تسير في طليعة الدنيا (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ) (البقرة: 143)، وهذا هو الوضع اللائق بأمة نصبت نفسها لتحمل دين الله الحق، وتقوم بتبعاته الثقال (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ* وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ) (الحج:77-78)
أفضلية أمة الإسلام مرهونة بأداء مهمتها ووظيفتها
ولا ينبغى أن يظن ظان أن في الأمر محاباة لهذه الأمة، أو استعلاء لها بغير الحق، تعالى الله عن ذلك، فليست أمة الإسلام أمة عنصرية تمجد عنصرًا بعينه من عناصر البشر، أو جنسًا خاصًا من أجناسه، بل هي أمة عقيدة تضم كل من أوى إليها، وآمن برسالتها، بغض النظر عن جنسه ولونه، كما أن أفضليتها مرهونة بأدائها لمهمتها (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ) (آل عمران: 110) فإن تقاعست عنها خسرت تلك المكانة العلية، وحوسبت عن تقصيرها أشد حساب، ثم استبدل بها غيرها ممن يستطيعون حمل الرسالة بحق (وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ) (محمد: 38)، (إِلاّ تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَاباً أَلِيماً وَيَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ وَلا تَضُرُّوهُ شَيْئاً وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (التوبة:39) نعوذ بالله من ذلك المصير.
دين الأمة كلها لا دين النخبة وحدها
إن مقتضى ذلك التوازن بين المسئولية الجماعية والفردية، وذلك التفضيل للأمة المرهون بأداء رسالتها، وذلك الاستبدال القائم خطره حين التقاعس والقعود، أن نفهم أن مهمة حمل الرسالة والجهاد في سبيلها هي مهمة الأمة كلها , التي ينبغي على مجموعها وأفرادها النهوض بها، وليست مهمة أفراد منها أو نخبة أو صفوة من أبنائها، وليست أيضًا مهمة جماعة من جماعاتها أو حزب أو فريق بعينه دون غيره، ونحن بذلك لا نلغي دور النخبة والصفوة من الأمة، أو نقلل منه، فلابد لكل أمة من جماعة تقود، وترتاد الطريق، وتعطي المثل والقدوة، ومثل ذلك في حال أمتنا أكثر فرضًا وأشد إلزامًا، كما لا نلغي دور بعض الأفراد من الأبطال والزعماء الحقيقيين الذين ينبهون الأمة إلى مواطن الخطر، أو مواضع الإنجاز، هؤلاء الملهمون الذين يصرخون حين تلتبس على الأمة السبل: "ها هنا الطريق".. لسنا نقلل من هذا الدور ولا ذاك , إنما ننبه إلى أن نجاح ذلك الدور مرهون بتفهم الأمة له، ومؤازرتها ونصرتها ودعمها لمن يقومون به، وفهمها أن دور أولئك الرواد ليس بديلاً لدورها، وليس مبررًا؛ لأن تنفض يدها من المسئولية الملقاة على عاتقها، والمحاسبة أمام ربها عنها، ظنًا أن فصيلاً من أبنائها كفوها مؤنة ذلك العبء الثقيل
0 تعليقات:
إرسال تعليق
الاشتراك في تعليقات الرسالة [Atom]
<< الصفحة الرئيسية