الأحد، 5 يوليو 2009

الطريق الى الله الجزء الثالث

الفقه المعوج عند الناس لفرض العين وفرض الكفاية
إن بعض الناس يسيئون فهم قضية فروض الكفاية وفروض العين، ويضعون أمر نصرة الإسلام والدفاع عنه والجهاد في سبيله في خانة فروض الكفاية التي إذا قام بها البعض سقطت عن الباقين، ويحسبون أن قيام البعض بذلك الفرض يعني الانصراف عنه أو خذلانه، وربما تعويقه والعمل على نقيضه، وذلك خطر ذميم، (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ) (الصف:4)، (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (التوبة:71)، (وَلا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا) (النحل: 92)، كما أن الفهم الصحيح لفرض الكفاية يقضي بأنه "إذا قامت به جماعة سقط عن الباقين"، والله يعلم- والناس أجمعون يعلمون- أنه لم "يقم" بناء الإسلام الكامل بعد ما انتقصه منه أعداؤه.. وأن المتصدرين لنصرة الإسلام والعمل له غير قادرين وحدهم على القيام الحق بذلك الفرض في تلك الظروف العالمية المعادية للإسلام، والمتربصة بأهله.. وكيف يُظن بهم القدرة على ذلك وكثير من المسلمين يرتضي لنفسه مقام الغفلة من دينه، والجهل به، أو العداء له ممن ينتسبون إليه؟؟
قم ودع عنك الرقادا
قم ودع عنك الرقاد ***** إنه الإسلام عاد
في سبيل الله سرنا ***** وأعلنا الجهاد
نحن بالرشاش عدنا ***** نملك اليوم القياد
ومشينا صحوة الجيل ***** جموعاً وفراد
ما عرفنا العيش إلا ***** عنفوانا وجلاداً
هب جمع المؤمنين ***** للشباب الصادقين
في ليالي الكرب ساروا ***** خلف قرآن مبين
لم يبالوا بالرزايا ***** بين أنياب السنين
بشر الناس بصبح ***** مشرق بالبينات
وبه الفتح تجلى ***** في بطون الظلمات
وبصف وحدته ***** بالهدى أيدي الأباة
يا ليالي الظالمين ***** يا هوان العابثين
يا ضياعاً في السنين ***** قد أتى الوعد المبين
قد أتيناكم برشاش ***** وقرآن مبين
خذوا الكتاب بقوة بالمسارعة في طاعة وعبادة المولىفيا أيها الغافل ... إلى متى تؤخر فعل الصالحات ؟!
أما علمت أن العجلة لا تحمد إلا في عمل الآخرة؟!
قال النبي - صلى الله عليه وسلم -:"التؤدة في كل شئ خير إلا في
عمل الآخرة"[رواه ابو داود والحاكم والبيهقي/ صحيح الترغيب
للألباني:3356]
ولتعلم أخي المسلم أن المسارعة إلى الخيرات تبدأ معك من أصغر
عمل من أعمال البر والطاعات حتى أكبر عمل منها..
فلا تستحقرن عملاً من أعمال الخير , فإنه وإن كان عندك صغيرا فإنه
عند الله عظيم..
قال النبي - صلى الله عليه وسلم - :"كل معروف صدقة وإن من المعروف أن تلقى أخاك بوجه طلق وان تفرغ من دلوك في إناء اخيك"
[رواه احمد والترمذي/صحيح الترغيب:2684]

أخي المسلم ... لقد دعاك الله إلى جنة عرضها السموات والأرض , ولم
يطلب منك ثمناً لها إلا المسارعة إلى طاعته ... فماذا عملت لتكون من
أهل جناته ونعيمه المقيم؟! قال الله تعالى{وسارعوا إلى مغفرة من ربكم
وجنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين}
فبادر وسارع قبل حلول الآفات وإظهار الندم والحسرات! يوم لا ينفع ندم ولا حسرات
قال النبي - صلى الله عليه وسلم -(بادروا بالأعمال فتناً كقطع الليل المظلم يصبح الرجل مؤمناً ويمسي كافراً أو يمسي مؤمناً ويصبح كافراً يبيع دينه بعرض من الدنيا)[رواه مسلم]
فيا معرضاً عن الصالحات! ويا كسولا عن الطاعات ! بأي شئ لهوت ؟! أم أي خير أدركت؟! أأخذت من الموت أماناً ؟!
فاعمل ليوم الرحيل .. وسارع إلى الذخر الباقي , فإنك لسعيد إن شغلك عمل الآخرة عن عمل الدنيا.
عن معاذ بن جبل - رضي الله عنه - قال : قلت يا رسول الله أوصني؟ قال: (اعبد الله كأنك تراه وأعدد نفسك في الموتى واذكر الله عند كل حجر وعند كل شجر وإذا عملت سيئة فاعمل بجنبها حسنة السر بالسر والعلانية بالعلانية)[رواه الطبراني/ صحيح الترغيب:3342]
أخي حاسب نفسك كم أضعت من عمرك في غير الطاعات؟! وكم من ساعات عمرك لم تستثمرها في عمل الصالحات؟!
فكم من أناس ذهبت أعمارهم سدى .. وانقضت أيامهم من غير فائدة! غرهم طول الأمل ! وأسكرتهم الدنيا بشهواتها!
قال النبي صلى الله عليه وسلم( اغتنم خمس قبل خمس :شبابك قبل هرمك وصحتك قبل سقمك وغناك قبل فقرك وفراغك قبل شغلك وحياتك قبل موتك)[رواه الحاكم/ صحيح الترغيب: 3355]
فهل أنت من المغتنمين لأيام العمر؟! أم أنك من المضيعين المفرطين؟!
إن كل يوم يمضي من عمرك حجة عليك .. وشاهد عليك غداً! وشتان ما بين من عمّر أيامه بالطاعات.. ومن عمرها بالسيئات! ومن العجب أن تنقضي السنين بعد السنين .. وترى البعض منصرفاً عن الطاعات.. مقبلاً على المعاصي!وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم( من عمر من أمتي سبعين سنة فقد أعذر الله إليه في العمر)[رواه الحاكم/ صحيح الترغيب:3360]
وعكس هذا الغافل .. رجل أفنى عمره في الطاعات .. وبادر إلى الخيرات.. والتمس ما عند الله من رفيع الدرجات .. وفي هذا قال النبي صلى الله عليه وسلمألا أنبئكم بخيركم ؟!) قالوا: نعم , قال
(خياركم أطوالكم أعماراً وأحسنكم أعمالاً)[رواه احمد وابن حبان والبيهقي/ صحيح الترغيب:3361]
أخي المسلم ... إن العاقل من وعظ بغيره , فها هو الموت يخطف الأرواح من حولك.. وسيأتي يومك!
فهل اعتبرت بذلك؟! فتذكر يوم أن تبلغ الروح الحلقوم! ماذا أعددت لتلك اللحظات؟!
فإياك أن تكون ممن قال الله عنهم:{حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون* لعلي أعمل صالحاً فيما تركت كلا إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون}
فاعمل لذلك اليوم الذي لا تنفعك فيه إلا الطاعات .. فإن الناجي يومها من بادر إلى الطاعات قبل الممات.. وأفلت من تلك الكربات
أخي المسلم ... إن أول ما يجب عليك أن تبادر به التوبة ,
فإياك وتسويفها , فبادر بالرجوع إلى ربك تعالى وادخل في طاعته .. واهجر مساخطه قال تعالى: {قل ياعبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله أن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم}0
دعوة من السماء للصادقين الأوفياء أن يأخذوا الكتاب بقوة
قال سيد قطب عند تفسير قوله تعالى"يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (1) قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (2)":
قم لتحمل اللواء وتتحمل الّأواء في سبيل رب الأرض والسماء
إنها دعوة السماء ، وصوت الكبير المتعال . . قم . . قم للأمر العظيم الذي ينتظرك ، والعبء الثقيل المهيأ لك , قم للجهد والنصب والكد والتعب , قم فقد مضى وقت النوم والراحة . . قم فتهيأ لهذا الأمر واستعد . . وإنها لكلمة عظيمة رهيبة تنتزعه - صلى الله عليه وسلم - من دفء الفراش ، في البيت الهادئ والحضن الدافئ . لتدفع به في الخضم ، بين الزعازع والأنواء ، وبين الشد والجذب في ضمائر الناس وفي واقع الحياة سواء .
الذي يعيش لنفسه قد يعيش مستريحاًولكنه يعيش صغيراً ويموت صغيراً
إن الذي يعيش لنفسه قد يعيش مستريحاً ، ولكنه يعيش صغيراً ويموت صغيراً . فأما الكبير الذي يحمل هذا العبء الكبير . . فماله والنوم؟ وماله والراحة؟ وماله والفراش الدافئ ، والعيش الهادئ؟ والمتاع المريح؟! ولقد عرف رسول الله صلى الله عليه وسلم حقيقة الأمر وقدّره ، فقال لخديجة رضي الله عنها وهي تدعوه أن يطمئن وينام : « مضى عهد النوم يا خديجة » ! أجل... مضى عهد النوم وما عاد منذ اليوم إلا السهر والتعب والجهاد الطويل الشاق!
{ يا أيها المزمل . قم الليل إلا قليلاً . نصفه أو انقص منه قليلاً . أو زد عليه ورتل القرآن ترتيلاً } . .
إنه الإعداء للمهمة الكبرى بوسائل الإعداد الإلهية المضمونة . . قيام الليل . أكثره أكثر من نصف الليل ودون ثلثيه . وأقله ثلث الليل . . قيامه للصلاة وترتيل القرآن . وهو مد الصوت به وتجويده . بلا تغن ولا تطر ولا تخلع في التنغيم .
من يأخذ هذا السيف بحقه؟
في غزوة أحد جرد الرسول - صلى الله عليه وسلم - سيفا باترا من غمده ونادى اصحابه :من يأخذ هذا السيف بحقه ؟
فقام إليه رجال ليأخذوه - منهم علي بن أبي طالب والزبير بن العوام وعمر بن الخطاب - , حتى قام إليه أبو دجانه ( سماك بن خرشة ) فقال : وما حقه يا رسول الله ؟ قال: أن تضرب به وجوه العدو حتى ينحني .
قال أنا آخذه بحقه يا رسول الله فأعطاه إياه .
وكان أبو دجانه رجلا شجاعا يختال عند الحرب وكانت له عصابة حمراء
إذا اعتصب بها علم الناس انه سيقاتل حتى الموت , فلما أخذ السيف عصب رأسه بتلك العصابة , وجعل يتبختر بين الصفين وحينئذ قال الرسول - صلى الله عليه وسلم - :إنها لمشية يبغضها الله إلا في مثل هذا الوقت , فقاتل أبو دجانة حتى أمعن في الناس , وجعل لا يلقى مشركا إلا قتله وأخذ يهد صفوف المشركين هدّا ,فقال :الزبير بن العوام وجدت في نفسي حين سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - السيف فمنعنيه وأعطاه أبو دجانة وقلت: أي في نفسي أنا ابن صفية عمته ومن قريش , وقد قمت إليه فسألته السيف قبله فأعطاه إياه وتركني والله لأنظرن ما يصنع ؟فاتبعته فاخرج عصابة حمراء فعصب رأسه فقالت الانصار: أخرج أبو دجانة عصابة الموت , فخرج وهو يقول :
أنا الذي عاهدني خليلي ....... ونحن بالسفح لدى النخيل
ان لا اقوم الدهر في الكيول ......اضرب بسيف الله والرسول
فجعل يقتل كل مشرك يقابله وإذا بفارس من المشركين يتوسط الجيش
فأراد أبو دجانه قتله فإذا هي امرأة فقال أكرمت سيف رسول الله أن اضرب به امرأة وكانت تلك المرأة هند بنت عتبه (أهـ).
فمن يأخذ لواء الدين بحقه فيعيش وقد حكم فيه الإسلام أو يقتل قتلة الأحرار الكرام , فالمسلم يأخذها ضربة في عز ولا يرضى الذل أبدا؟!!!.
أنواع القوى التي نحتاجها
قال رسولُ الله – صلى الله عليه وسلم - : ((المؤمن القويّ خيرٌ وأحبّ إلى الله منَ المؤمِن الضعيف، وفي كلٍّ خير)) رواه مسلم.
أحكام خاطئة في تحديد مفهوم القوة والضعفينطلِقكثيرٌ منَ الناس في مفهومِ القوة والضعفِ من منظورٍ مادّي واعتباراتٍ أرضيّة، فهذا يقدِّر القوةَ والضعف بحسَب إقبالِ الدنيا وإدبارها، وآخرُ يقدِّر القوّةَ بممارسةِ الجبَروت والقهرِ والبغيِ والطغيان، وثالث يظنّ القوةَ لمن كان له جاهٌ أو حَظوة من سلطان ، ورابعٌ يركَن في قوّته إلى ماله أو ولدِه أو مَنصبِه، وخامِسٌ يستمدّ قوّتَه من إجادةِ فنون المكرِوالكيد والخِداع والقدرةِ على التلوّن حسَب المواقف والأحوال.

0 تعليقات:

إرسال تعليق

الاشتراك في تعليقات الرسالة [Atom]

<< الصفحة الرئيسية